
رهانات التنمية
من التنمية إلى التنمية المستدامة
مقدمة:
يؤدي نمو ساكنة الكرة الأرضية إلى زيادة استغلال المجال و إعداده بشكل غير مسبوق في تاريخ الإنسانية، و قد أدى هذا الضغظ المتزايد بحدة منذ بداية القرن العشرين، إلى مجموعة من المشاكل و الصعوبات مع تزايد الحاجات الغذائية، و التباين في مستويات التنمية، و الإفراط في استغلال المواد الأولية، و تسارع وثيرة التلوث...
يتناول هذا الدرس هذه الإشكالية في ثلاثة أسئلة:
1. أين تتجلى التباينات في التنمية؟ ( المستوى الوطني/ المستوى الجهوي/ المستوى العالمي).
2. ما رهانات التنمية بالنسبة لسكان الكرة الأرضية، و حاجاتهم الغذائية؟ خلال النصف قرن المقبل؟
3. كيف ترفع هذه التحديات، ( التنمية المستدامة؟)
I ) عدم تكافؤ التنمية، و الإختلالات على كل المستويات.
1. تعدد مقاربات التنمية.
ا) ما معنى التنمية البشرية؟
التنمية في بلد ما، تعني قدرة هذا البلد على تلبية حاجات السكان، الحاجات الحيوية ( كالتغذية و العلاج...) و الحاجات الضرورية (كالتعليم و السكن اللائق...)
ماهي المقاييس المستعملة لقياس مستوى التنمية؟ ( الناتج الداخلي الخام/ مؤشر التنمية البشرية...)
نقسم هذه المؤشرات و المعايير و المقاييس إلى:
مقاييس اقتصادية: الناتج الداخلي الخام/ الدخل الفردي/ الاستثمارات المباشرة في الخارج... إذا كان هذا المقياس يعطي فكرة عامة و يمكن من ترتيب الدول فإنه لا يعكس حقيقة توزيع الثروة، فالتفاوتات كبيرة بين دول الشمال و دول الجنوب، و حتى داخل كل مجموعة من هذه الدول على حدة، بل و بين الجهات و الطبقات في دولة واحدة.
مؤشر التنمية البشرية : و يجمع بين مؤشرات الصحة و التمدرس و الدخل الفردي و بعض المؤشرات الأخرى كلما توفرت، و قد استعملت هيأة الأمم المتحدة هذا المعيار منذ الثمانينيات ، و هو يعكس إلى حد ما واقع توزع الثروة.
مؤشرات مستوى الديمقراطية: لا توجد إحصاءات يمكن اعتمادها في هذا المجال لكن ظواهر و مظاهر قابلة للملاحظة تمكن من تكوين حكم على مستوى تحقق و ممارسة الديمقراطية ، على مستوى تعدد الأحزاب،و حق التصويت، و توفر دستور، و احترام الحريات الأساسية و حقوق الإنسان...
مؤشرات الدينامية الديمغرافية: حيت إن كل الدول المتقدمة و المصنعة حققت انتقالها الديمغرافي ، لذلك تعد هذه الدينامية من بين المؤشرات التي تعطي فكرة عن مستوى التنمية
الخلاصة أن استعمال المؤشرات و المقاييس و المعايير مهما تنوعت ، تبقى معدلات لا تعكس حقيقة التنمية و توزيع الثروات على كل المستويات، المحلية الدولية، السوسيو-اقتصادية...
ب ) عدم التكافؤ على المستوى العالمي بين الدول وعلى المستوى الوطني داخل الدولة الواحدة...
الإنطلاق من مجموعة من الخرائط (؟)
II ) الواقع و الحاجات الغذائية في العالم
ا) جغرافية الجوع ( عدم التكافؤ أمام التغذية)
II) الحاجات الغذائية الجديدة لساكنة العالم في آفاق 2050.
1) زيادة السكان و الرهانات الجديدة
يقدر سكان العالم لسنة 2050 بحوالي 9 ملايير نسمة، لذلك يتوقع أن تظهر حاجات غذائية جديدة. فما هي التوقعات الديمغرافية الجديدة و التحولات التي يحتمل أن تصاحبها؟ و ما نوع و طبيعة التنمية التي ستمكن من سد هذه الحاجات، بشكل مستدام؟
ما بين 1950 و 2015 انتقلت ساكنة العالم من 5’2 ملايير نسمة إلى 3’7 ملايير نسمة، و تتحدث التوقعات عن 9 ملايير نسمة مرتقبة خلال سنة 2050. نتيجة التفاوتات في وثيرة الإنتقال الديمغرافي ستتفاوت حاجات السكان حسب الدول، حيث يمكن التمييز بين ثلاث مجموعات من الدول:
-
الدول التي عرفت نموا ديمغرافيا كبيرا ( تعدى 2٪ ما بين 1990 و 2010) أغلبها في إفريقيا جنوب الصحراء وجنوب آسيا.
-
الدول التي كان فيها النمو الديمغرافي متوسطا ( ما بين 1 و 2 ٪ من 1900 إلى 2015) في أمريكا اللاتينية و شمال إفريقيا و إفريقيا الجنوبية.
-
دول كان فيها النمو ضعيفا أو سلبيا ( أقل من 1٪ مابين 1900 و 2010) خاصة في أمريكا الشمالية و أوربا و شرق أسيا و استراليا.
من خلال هذه المعطيات نلاحظ أن هناك علاقة بين وثيرة النمو الديمغرافي و مستوى التنمية. كلما كان مؤشر التنمية البشرية ضعيفا كان النمو الديمغرافي كبيرا
تزايدت الحاجة إلى استهلاك الطاقة بشكل واضح منذ 1970 حيث انتقلت من 5 ملايير طن مكافئ نفط ( Tonne équivalent pétrole) ( المقابل من الطاقة المنبعثة من احتراق 5 ملايير طن من البترول) إلى أكثر من 13 مليار طن مكافئ نفط سنة 2014، و يتوقع أن تتعدى 15 مليار سنة 2030.
يمكن تفسير هذه الزيادة بمجموعة من الفرضيات:
-
تطور ساكنة العالم بشكل عام من 3 ملايير نسمة سنة 1970 ألى 8 ملايير مرتقبة سنة 2030 جعل الاستهلاك و الحاجة من الطاقة.
-
تزايد الاستهلاك الفردي من الطاقة حيث انتقل الاستهلاك من 1.3 ط م ن سنة 1970 ألى 1.9 ط م ن مرتقبة سنة 2030 نتيجة تحسن مستوى المعيشة.
-
ظهور و استعمال طاقات جديدة شجع استهلاك الطاقة.
ما هي عواقب هذه التحولات؟
أمام هذه الزيادة الديمغرافية برزت مجموعة من التخوفات من أهمها:
التخوفات المرتبطة بكمية الموارد المتوفرة و هل ستكفي لسد الحاجات المتزايدة للسكان، حيث يتخوف البعض من أن تؤدي زيادة السكان إلى فائض لا تكفي معه الثروات المتوفرة بالكرة الأرضية.
التخوفات التي تبرز التهديدات التي تمس البيئة نتيجة استنزاف الثروات الطبيعية و التلوث الذي يخل بتوازنها، و التصحر الذي يتمثل في تراجع الغطاء التباتي، و انبعاث الغازات الدفيئة...
أذا كانت التهديدات البيئية، و مشاكل التلوث و تراجع الغطاء التباتي ... واضحة الآثار و النتائج ، فإن ربط الزيادة الديمغراقية بمشاكل التنمية يجب أن يكون نسبيا، حيث توجد دول بكثافات سكانية مرتفعة دون أن يؤدي ذلك إلى مشاكل في التنمية كهولندا أو اليابان... في حين تواجه مجموعة من البلدان مشاكل في النتمية رغم ضعف الكثافات السكانية بها ، مثل دول الساحل و الصحراء.
2) كيف تجيب التنمية المستدامة عن هذه التحديات؟
تعريف التنمية المستدامة و أهدافها الكبرى: